هيبة ملك عضو نشيط
الــقــب : دولة : عـَدد إلرَدوْود : 49 تاريـ~ـخ إلـمـيـ~ـلاد : 05/07/1992 تاريخ التسجيل : 08/06/2012 آلع’َـمر : 32 الموقع : البصره المزاج : رايق
| موضوع: لنتعلم من (علي) مواساة الأخوان !! الإثنين يونيو 11, 2012 7:52 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنتعلّم من (عليّ) مواساة الإخوان
من واسى محمداً صلى الله عليه وآله فقد كان أخوه بشهادة أكثر الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة صلوات الله عليهم والتي تحدثت عن مواساة الإخوان، وإذا قرأنا التاريخ جيداً فإننا سنجد بأن هناك شخصاً واحداً هو الذي واسى رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان هو الإمام علي عليه السلام.
إن من يتفاخر بهذا الصحابي أو ذاك عليه أولاً ان يعود الى مواساة الإمام علي بن أبي طالب، فقد كان أخا رسول الله، وهذه مرتبة أعلى وأعظم من مرتبة الصحابي، وقد اخذ الإمام علي عليه السلام هذه المنزلة عن جدارة وذلك من خلال مواقفه العظيمة مع الرسول الكريم ومع الرسالة، ومن تلك المواقف: إنه عندما ترك المسلمون والصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيداً فريداً أمام سيوف الكفار في معركة (أحد) وقد هرب الجميع من بين يديه، نظر النبي إلى جانبه فوجد علياً، ومن شدة غضبه قال لعلي: إذن اهرب أنت أيضاً كما هرب الآخرون، فأجابه الإمام: أواسيك يا رسول الله...
وكانت الرواية بهذا الترتيب وقد نقلها الإمام الصادق عليه السلام الذي قال: (انهزم الناس يوم أُحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله فغضب غضباً شديداً.. فنظر فإذا علي عليه السلام إلى جنبه فقال له: ألحق ببني أبيك مع من انهزم عن رسول الله، فقال: يا رسول الله لي بك أسوة). قال: فاكفني هؤلاء، فحمل فضرب أول من لقى منهم، فقال جبرئيل إن هذه لهي المواساة يا محمد. وهي من الروايات المشهورة بين السنة والشيعة وفي فروع الكافي ج8، ص110.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة أن الأخ هو المواسي في الشدّة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك الموقف يواجه أشد الظروف حراجة في حياته حيث كان بمفرده في مقابل جيش جرار، ولم يجد إلى جواره غير علي بن أبي طالب(ع).
إن أقرب الناس إليك هو من يواسيك في الشدائد ولا فرق أن يكون صديقاً أو قريباً، وهو سلوك إنساني ينم عن أخلاقيات عالية لدى المرء الذي يتحسس آلام الآخرين وأحزانهم فيواسيهم بتقديم المساعدة والعون المادي والمعنوي لهم.
وقد عدّ الدين الإسلامي الشريف أن المواساة هي أفضل الأعمال، وقد منحها هذه المرتبة تشجيعاً لبني البشر لكي يتعاطفوا فيما بينهم ويتحنن بعضهم على البعض الآخر وخاصة في الظروف الصعبة التي يواجهها الإنسان في حياته. وهذه الخصال هي وإن كانت حسنة بالفطرة إلا إن الإسلام يضفي عليها هذه المنزلة، حتى يؤكد قيمتها الدينية إضافة إلى قيمتها الإنسانية.
والكل يعرف بأن الإحسان إلى الآخرين هو عمل محمود، ولكنهم قد لايعرفون بأن مواساة الإخوان هي أعلى شأناً من الإحسان نفسه، بل هي أحسن الإحسان، وقد ورد هذا في حديث شريف عن الإمام علي عليه السلام حيث قال: (أحسن الإحسان مواساة الإخوان).
بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الخصلة لها آثار إيجابية على مستوى علاقة الإنسان بأقرانه وبمحيطه الإجتماعي، لأنها تساهم في توكيد العلاقة بين الإخوان، وتوطيدها أكثر فأكثر، فمن يريد أن يحافظ على علاقته بشخص يوده فليس هناك أفضل من مواساته في الشدائد والصعاب. وإلا ما الفائدة أن يقول الرجل: (أنا صديقك...) بينما هو لا يواسيك في الظروف الصعبة؟ وكما يقولون في المثل الدارج (الصديق وقت الضيق) ففي الشدائد تظهر معادن الأفراد وتنكشف حقائق نفوسهم، وهناك معنى آخر لهذا المثل وهو أن يظهر الإنسان حبه لصديقه في تلك الظروف الصعبة.
وبالإضافة إلى ماذكرنا من فوائد المواساة في الله سنعرف أيضاً من خلال الأحاديث الشريفة أن المواساة تزيد في الرزق حسبما جاء في حديث للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في هذا الشأن. فالذي يواسي أخاه المؤمن بالمال هو في الواقع لايخسر شيئاً بل سيربح أموالاً إضافية فهو بعمل واحد كسب عدة ثمار، منها معنوية تتمثل في توطيد علاقته بأخيه المؤمن، إضافة إلى أنه سيشعر بنوع من السعادة والراحة المعنوية والنفسية حيث أنه أقدم على أفعال حسنة بالإضافة إلى حصوله على نتائج مادية. وهذه بالضبط هي التجارة الرابحة، فلا أحد من الناس تاجر مع الله وخسر، بل كل تجارة مع الله هي رابحة إن كانت معنوية أو مادية. لكن هذه الخصلة إضافة إلى ما ذكرنا من المميزات فهي أيضاً تدل على حقيقة وراثية موجودة في هذا الشخص الذي يقدم على هذا العمل الحسن، فمن يجد في نفسه هذه الصفة فليعرف أن أصله كريم وهو من سلالة كريمة تنبض فيها الحياة والمشاعر الإنسانية هذا ما ذكره الإمام علي عليه السلام حينما قال (إن مواساة الرفاق من كرم الأعراق).
وإذا كانت المواساة هي أحسن الإحسان، فإن هناك مرتبة تعلو المواساة وهي أن يواسيك إلى الدرجة التي يغنيك ويكفيك حاجتك مهما كانت، فبالنسبة إلى المرتبة الدنيا فهي أن يساعدك أخوك ويواسيك على حل مشكلتك لفترة اسبوع أو شهر لكن المرتبة العليا هي أنه يحسن إليك إلى الدرجة التي يكفيك عن الحاجة، فهذه أعلى مرتبة من الأول كما أوضح الإمام علي عليه السلام في حديثه: (خير الإخوان من واساك، وخير منه من كفاك).
اضافة الى ما مرّ، يجب أن نذكر فضيلة أخرى للمواساة في الله وهذه الفضيلة هي من أهم الفضائل وأكرمها، فلو قيل لك أنت تستطيع أن تشتري روحك من ملك الموت فماذا كنت ستقدم من المال في سبيل ذلك؟! ولو قيل لك أنك تستطيع أن تشتري ألم خروج روحك من جسدك عند الوفاة! فكم ستدفع لذلك؟ ثم أتعرف ما هي قيمة دفع ألم خروج الروح؟ قيمته هي: مواساة الإخوان! إقرأوا معي هذه الرواية: (عن مصعب الكوفي، عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث يذكر فيه قبض الروح: (.... وأتاه ملك الموت يقبض روحه فينادي روحه فتخرج من جسده، فأما المؤمن فما يحس بخروجها، وذلك قول الله سبحانه وتعالى: "يا أيتها النفس المطمئنة...". ثم قال: ذلك لمن كان ورعاً مواسياً لإخوانه، وصولاً لهم، وإن كان غير ورع ولا وصولاًم لإخوانه، قيل له: ما منعك من الورع والمواساة لإخوانك؟ أنت ممن انتحل المحبة بلسانه، ولم يصدّق ذلك بفعل، وإذا لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وأميرالمؤمنين لقيهما معرضين مقطبين في وجهه..)
بحارالانوار، ج74، ص397.. | |
|